ظاهرة خطف البنات

     وصمة عار فى جبين مصر

بقلم / منير بشاى – لوس أنجلوس 

أحسست أن أوصال قلبى تتقطع وأنا اشاهد هذا الفيديو كليب القادم من مصر . فلا يوجد شيئ أصعب على النفس قدر أن ترى منظر أم وأب ينتحبان على فلذه أكبادهم . صعب أن ترى الاباء يدفنون أبنائهم ، فالطبيعى أن يحدث العكس . ولكن مشكلة الخطف تزيد صعوبة عن مشكلة الموت ، فالموت ينهى كل المشاكل ، ويسدل الستار على اخر فصول الحياة ويرجع الوديعة الى جابلها ، ويعطينا الضمان أنها وصلت اخيرا الى مقرها الابدى .

 

ولكن فى مأساة الأختفاء بالخطف ما تزال الفتاة على قيد الحياة ولكن بطريقة ما أنتزعت من بين أحضان أسرتها الى مكان قد يكون مجهولا ويمارس ضدها أعمال اجرامية كالاعتداء الجنسى وتغيير الدين والزواج على غير أرادتها ،  ثم دفعها الى مستقبل مظلم لا يعرف أحد  مداه . كأب أحسست بالمأساة التى تعيشها تلك الأم  المتوشحة بالسواد وهى تبكى إبنتها ذات السبعة عشر ربيعا والتى أختطفت من بين يديها فجأة ودون سابق أنذار.

وأعترف أننى لفترة كنت أميل الى التخفيف من  حدة ظاهرة خطف البنات  فى حكمى ،  ظنا منى أنها غالبا حالات قليلة وغير مؤكدة . ولكن الموضوع قد زاد عن حده والحالات ثابتة وموثقة والأسماء معروفة وكذا التواريخ وملابسات ووقائع حوادث الخطف . وحنى لو أفترضنا جدلا أنها حالت نادرة فهذا لا يقلل من بشاعتها ولا يضفى عليها الشرعية أو القبول . ولكن الأحتمالات فى أعتقادى هى لصالح الترجيح بأحتمال الزيادة اكثر من النقص .

 

فوصمة العار التى قد تلتصق بالفتاة وأسرتها كنتيجة  للخطف قد تدفعهم الى محاولة كتمانها لدرء الفضيحة . ولا يختلف الأمر عندى لو ثبت صحة ما يشاع من أن هناك حالات مقابلة لإختفاء بنات مسلمات وأن المشكلة ليست دائما تتعلق بالمسيحيات ، فظاهرة الخطف همجية لا أنسانية مهما كانت خلفية الضحية . وهى أيضا عمل خسيس وجبان لأن الجانى يستغل ضعف الضحية وعجزها عن الدفاع عن نفسها . هذه الظاهره لا صلة لها بحق الأنسان فى تغيير دينه طالما يتم هذا على أساس سليم ويبنى على قرار حر لا ضغوط فيه . وطالما يدرك الإنسان الأبعاد الكاملة  لما هو مقدم عليه والتداعيات المختلفة لقراره .

 

وأذا تحققت هذه الضمانات فإننا سنرى الموضوع سيغير مساره بعيدا عن ما نراه حاليا من التركيز على ملاحقة الفتيات . سنرى الموضوع قد أكتسب صفة العمومية والمساواة فيفتح الباب لكل من يريد أن يغير دينه عن أقتناع سواء كان رجلا أم أمرأة ، مسيحيا كان أم مسلما . ولكننا جميعا نعرف أن الأمور لا يمكن أن تصل إلى هذه الدرجة المتكافئه فى التعامل فى ظل مبادئ الشريعة الأسلامية التى تحكم مصر فى هذه الايام .

 

الكرة فى ملعب الدولة سواء ارادت أم لم ترد لأنها الجهاز الذى يحكم بين المواطنين ويوفر الحماية والامان للضعيف والإحساس بالعدل للمظلوم . ولكن لإعتبارات أزدياد الجرعة الدينية رأينا الدولة مؤخرا تحاول أن تدفع الكرة عن ملعبها ، تحاور وتراوغ بها ، وبدلا من أن تركب الصعاب تسعى لكى تجد مخرجا سهلا للمشكلة .

 

وفى سبيل ذلك راينا الدولة تتبع سياسة دفن الرؤؤس فى الرمال محاولة إنكار وجود المشكلة لعل الزمن يكون كفيلا بحل المشكلة أو تأجيل التصدى لها الى أقصى وقت ممكن . يحدث هذا على خلفية ان الدولة لا تجد من رد الفعل القبطى ما يضعها أمام الامر الواقع ويجبرها أن تضطلع بالدور التى هى منوطة به أمام الله والوطن والعالم كله .

 والمشكلة أساسا هى مشكلتنا كأقباط وعلينا كأقباط سواء داخل مصر أو خارجها أن ندرس القضية من جميع جوانبها الإقتصادية والأجتماعية والدينية ونحاول أن نقفل كل الثغرات التى تساهم فى أزديادها . وكرجال ينبغى أن يكون لنا النخوة لحماية بناتنا ولو أدى الامر الى التضحية بأرواحنا . 

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com