al masri alyom 

 حديث التاكسي

 بقلم  شارل فؤاد المصري

حالة التشدد التي تجتاح المجتمع، والتي انقلبت إلي تعصب أعمي بغيض ضرب كل مناحي حياتنا، بدءا من العلاقة بين المسلمين والمسحيين، وانتهاء بعلاقة الشعب والحكومة، مرورا بالعلاقات الأسرية، تتطلب منا إعادة النظر وصياغة جديدة لسلوكياتنا وخطابنا الإعلامي والديني وحتي علي مستوي خطابنا الشخصي بيننا وبين بعضنا البعض.

الأسبوع قبل الماضي تعرضت لموقفين أود أن أشرك القارئ العزيز فيهما بأن أقصهما عليه، الأول: ركبت تاكسيا للذهاب إلي أحد مقار شركات الموبايل لإصلاح ما أفسدته ابنتي ذات العام والنصف، عندما ألقت بالموبايل علي الأرض، ولأنني لا أهوي حديث السائقين، فإنني أجلس طوال الطريق في الغالب الأعم مستمعا لا متحدثا، ولكنني هذه المرة وجدتني أنخرط مع السائق في حديث سأنقله لك عزيزي القارئ حرفياً ولن أعلق عليه:

السائق: مصر فازت بالعافية علي أنجولا وكنت خايف نتهزم.

أنا: الحمد لله.

السائق: بس أنا زعلان أن تونس طلعت من البطولة.

أنا: وأنت زعلان ليه.

السائق: لأنها دولة عربية ومفروض إن البطولة يفوز بها عربي مش أفريقي.

أنا: لاحظ أن البطولة اسمها بطولة الأمم الأفريقية مش العربية.

السائق: عارف.

أنا: أمال إيه الحكاية.

السائق: بصراحة مايصحش يفوز بالبطولة ناس مسيحيين.

أنا: إيه علاقة المسيحيين بالكورة.

السائق ما هي أفريقيا مسيحيين ومايستحقوش يفوزوا بالبطولة.

أنا: بس أفريقيا مليانة مسلمين والمسيحيين والمسلمين إخوات.

السائق: بص ياباشا من الآخر لازم الإسلام يفوز بالبطولة.

وهنا توقفت عن الكلام أو حتي عن الاستماع للرجل لأنني أدركت أنني دخلت حارة سد وأشفقت علي الحالة التي وصل إليها وكيف وصل تفكيره إلي هذه الدرجة من التعصب، وكيف أصبحت الرياضة مجالا للتعصب، وأسوأ مثال يمكن أن نعيد تكراره علي مسامعكم هو حالة مشجع كرة السلة الزملكاوي الذي أشعل فيه أربعة من مشجعي النادي الأهلي النار لمجرد أنه زملكاوي.

المثير في الموضوع ليس الدرجة التي وصل إليها التعصب أو كيف انتقل إلي الرياضة، ولكن في كون الموضوع موضوع رياضة غير جماهيرية بالمرة وهي كرة السلة مقارنة بكرة القدم.

الموقف الثاني هو عبارة عن حوار دار بيني وبين صديقي وجاري المهندس خالد الغندور - تشابه أسماء مع لاعب الزمالك السابق - وهو شاب ملتح يعشق كرة القدم ويحرص علي أن يمارس أبناؤه الرياضة، وقال لي إن فرحته لا يمكن وصفها بفوز مصر بكأس الأمم الأفريقية وبحالة التوحد التي «أصابت» الشعب المصري بكل فئاته.

الحوار مع الغندور تطرق إلي أننا جسد واحد لا فرق بين مسيحي ومسلم أو أسمر وأبيض طويل أو قصير رجل أو امرأة مشيراً إلي أن ما يحدث حاليا هو دخيل علي الشعب المصري. وفاجأني بقوله لو كان عمرو زكي الذي أحرز الأهداف التي صعدتنا إلي نهائي البطولة مسيحيا هل كنا سنقول وقتها لا.. لن نفرح لانه مسيحي أم كنا سنقول إنه «مصري».

الغندور يري أن مصر تحتاج إلي مشروع قومي يلتف الشعب المصري حوله، ينسي معه مشاكله الفرعية ويواجه تحديات المستقبل ولا يفكك قوته أو يستهلكها في أمور تافهة، المهم أننا نحتاج إلي شوية مواطنة.

المختصر المفيد

قنية الحكمة كم هي خير من الذهب وقنية الفهم تختار علي الفضة، الفطنة ينبوع حياة لصاحبها وتأديب الحمقي حماقة.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com