7 مرشدين في 80 عامًا المجد لكبار السن

محمد علي الدين

http://www.elbadeel

بمعدل 11 سنة وبضعة أشهر لكل منهم تعاقب علي قيادة جماعة الإخوان المسلمين 7 مرشدين خلال 80 سنة
لكل مرشد شخصيته التي انعكست - بطبيعة الحال - علي الجماعة.. البنا أسس و بني، وبشخصيته استطاع أن يجمع حوله الكثير من الأنصار. والهضيبي تولي الجماعة في ظروف "خارجية" قاسية، لكنه بشخصيته "غير السياسية" وبقلة كلامه - ربما بحكم أنه كان قاضيا- فتح علي نفسه أبواب الانشقاق الداخلي، التي أوشكت أن تقضي علي وجود الإخوان تماما، لكن التلمساني كان أكثر حظا من سابقه، لأن الظروف الخارجية كانت أفضل كثيرا بالنسبة لكل الجماعات الإسلامية، وتأثر الجماعة بشخصية التلمساني كان واضحا في عدد التحالفات السياسية، التي أقامها مع عدد من الأحزاب القائمة، مثل حزبي الوفد والعمل.

بعد هذا جاء أبو النصر الرجل "الصعيدي" الذي بايع البنا علي السيف والمصحف ..لكن أبو النصر كان مريضا وقت توليه منصب المرشد، و كان المرشد الحقيقي وقتها هو مصطفي مشهور الذي تولي الجماعة فعليا بعد وفاة أبو النصر، ونظرا لشخصية مشهور "الحديدية" انشق عدد كبير من جيل الشباب عن الجماعة لأنهم لم يتحملوا قسوة آرائه وحدته في التعامل. بعد مشهور عاد اسم الهضيبي مرة أخري لتولي مهمة المرشد العام لكنه كان الهضيبي "الابن" هذه المرة، وبعد أن أفسد الهضيبي علاقة إخوان مصر بالتنظيم الدولي أعادها مهدي عاكف -المرشد الحالي- مرة أخري.. عاكف الذي اشتهر بتصريحاته غير المنضبطة كان له تأثير كبير علي الجماعة التي شهدت في عهده دخول 88 من أفرادها مجلس الشعب.


حسن البنا .. مؤسس الدعوة.. ونظامها الخاص
 تحالف مع القصر في مواجهة الوفديين..  ورجاله هتفوا لإسماعيل صدقي وقت أن خرج الشعب يهتف ضده

< وقائع اغتيال  النقراشي والخازندار وحكمدار العاصمة  تمت في عهده  .. فوصف منفذيها بإنهم  «ليسوا إخوانًا» وليسوا مسلمين»
أطلق عليه الإخوان عدة ألقاب مثل «الإمام الشهيد» و «الملهم الموهوب»  و«أستاذ الجيل» ..بينما اعتبره اعداؤه مؤسس الخلط بين الدين والسياسة في العصر الحديث ونعتوه بالبراجماتية السياسية اما المغالون منهم فقالوا عنه انه اسس للارهاب ..وما بين المغالاة والتمجيد ترتسم شخصية  رجل ولد في المحمودية بمحافظة البحيرة في 14 أكتوبر 1906، هو "حسن أحمد عبد الرحمن البنا" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.


 بدأ "البنا" مشوار دراسته في كُتَّاب بالمحمودية ثم انتقل إلي المدرسة الاعدادية تلتها مدرسة "المعلمين الأولية" بدمنهور، ليلتحق في عام 1923 بكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول ليتخرج فيها عام 1927، ويعمل كمدرس ابتدائي بمحافظة الاسماعيلية ثم يؤسس بعد تخرجه بعام واحد "1928" جماعة الإخوان المسلمين، وهو ابن 22 عاما.
ومنذ ذلك الحين استطاع البنا أن يجمع من حوله الكثير من المؤيدين لأفكاره التي أعلن أنها تقوم علي تكوين "الفرد المسلم" و"الأسرة المسلمة" و"المجتمع المسلم" ثم "الحكومة المسلمة" فالدولة والخلافة الإسلامية وهكذا بدأ الخلط بين الدين والسياسة ليعلو شعار أن الاسلام دين ودولة، ولتبدأ واحدة من أعنف معارك القرن العشرين حول هذا الخلط .
عُرف البنا بأسلوبه المؤثر في اجتذاب أعضاء جدد لجماعة الإخوان المسلمين، ولعل أبرز الأمثلة علي ذلك ما يرويه عمر التلمساني في كتابه "الملهم الموهوب" واصفا أولي لقاءاته بالبنا قائلا : "للبنا حلاوة ترحيب كأنك تعرفه منذ زمن (...) حركاته وألفاظه تحملك علي أن تثق فيه حقا، وأنك أمام رجل صادق".

إلا أن "حسن البنا" في عيون أنصاره يختلف تماما عن "حسن البنا" في عيون منتقديه، حيث ينظر إليه كثيرون كحليف وثيق الصلة بالقصر والسعديين في مواجهة حزب الوفد وقوي اليسار التي كانت تتمتع بشعبية عريضة حينها، ولعل أبرز المواقف الدالة علي ذلك تأييد الإخوان لحكومة إسماعيل صدقي  رغم معارضة معظم المصريين لها وفي وقت اشتعلت الثورة في عموم مصر ضد حكومته بعد أن تخلت عن حلم الاستقلال، لكن الإخوان زعموا أن  صدقي لم يبدر منه أي شيء يستدعي إثارة المشاكل معه كما يريد حزب الوفد لكن الواقع أن الإخوان تمادوا في تأييد صدقي باشا إلي حد ترديد هتاف يقول: "اذكر في الكتاب إسماعيلا" في مواجهة هتاف الوفديين "الشعب مع النحاس" وفي وقت كانت أوامر صدقي بان يتم التعامل بعنف مع المظاهرات المطالبة بالاستقلال ليتم ضرب طلاب الجامعة ويصل الامر الي واقعة فتح الكوبري بينما يسقط عشرات الطلاب بين شهيد وجريح ومقبوض عليه .
ومن البراجماتية السياسية والتحالف مع من كانت الجماهير تعتبره عدوا للشعب الي الاتهام باستخدام العنف  ..و الواقعة الأولي التي يستدل بها منتقدو البنا علي استخدام العنف خلال فترة توليه لمنصب المرشد، فهي واقعة اغتيال المستشار أحمد بك الخازندار علي يد اثنين من شباب الإخوان بعد إصداره حكما قاسيا علي عضو بالجماعة اتهم بالهجوم علي جنود انجليز بأحد الملاهي الليلية لكن الجماعة استنكرت وأدانت عملية الاغتيال.

لعبت حرب فلسطين وما نتج عنها من هزيمة دورا حاسما في تدهور العلاقات بين "البنا" والقصر وحكومة "النقراشي" باشا حيث استشعرت الحكومة وللمرة الأولي قوة الإخوان تحديدا بعد مشاركتهم في حرب فلسطين بقيادة محمد فرغلي قائد كتائب الإخوان في فلسطين الذي عثرت الشرطة في عزبته بالاسماعيلية علي عدد ضخم من الأسلحة يضاف إلي ذلك تكرار التفجيرات ضد منشآت ومساكن يمتلكها يهود.

 أما المفاجاة فكانت عثور الشرطة علي سيارة جيب في 15 نوفمبر 1948 بها مجموعة من المستندات تضم 32 اسما من أهم كوادر الجهاز السري.
ما جري في حرب فلسطين كان دافعا لاشتعال مظاهرات الطلاب الغاضبين، ومن بينهم الإخوان، وحدثت اشتباكات بين الطلبة والشرطة أدت إلي مصرع "سليم زكي" حكمدار العاصمة بقنبلة سُددت إليه بشكل مباشر.
هذه الحادثة، وما سبقها، دفعت رئيس الوزراء النقراشي باشا إلي إصدار قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين تلاه اعتقال الآلاف منهم.
 لكن بداية دخول الإخوان في صراع طويل مع الحكومة كانت عندما أطلق طالب ينتمي للجماعة في 28 ديسمبر 1948 رصاصتين علي النقراشي باشا، فسقط قتيلا ليشيع أنصار النقراشي جثمانه هاتفين "الموت لحسن البنا".

حادث الاغتيال رفضه البنا ونشر مقالا أوضح فيه ذلك تحت عنوان "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" لكن حكومة إبراهيم عبد الهادي اعتقلت ما يقرب من 4000 إخواني، ومارست ضدهم تعذيبا شديدا.
قضي حسن البنا أيامه الأخيرة يعاني عزلة خانقة بعد أن ارسل معظم انصاره إلي السجون فيما يعيش من تبقي منهم حالة من الترقب والحذر. أما هو فقد أصبحت خطواته مراقبة من الشرطة بشكل مستمر في حين بدأت الحكومة في حملة دعاية ضد البنا وإخوانه عبر عنها في مقال لم يتمكن من نشره تحت عنوان "القول الفصل" قائلا: "إذا جاءك خصم وعينه مقلوعة فلا تحكم له حتي تري خصمه فقد تكون عيناه الاثنتان مقلوعتين".
يخرج البنا في الثاني عشر من فبراير 1949 عند انتصاف الليل من مبني جمعية الشبان المسلمين ليجد من يطلق عليه الرصاص ثم يفر هاربا، بعدها يقضي 4 ساعات مصابا في المستشفي دون أن يقدم له أي طبيب المساعدة حتي يفارق الحياة لتثبت التحقيقات بعد ذلك مسئولية الملك فاروق عن عملية الاغتيال.. لترتسم بمقتل البنا العلاقة بين السلطة والجماعة، فعلي الرغم من التحالف بين القصر والجماعة لفترات طويلة الي حد استخدامهم للهجوم علي المعارضين بداية من الوفد وحتي اليسار مع انتفاضة 1946 الا ان هذا لم يمنع ان تصل العلاقة لحد القتل المتبادل وترتسم معها علاقة الجماعة بالسلطة تحكمها براجماتية الطرفين <

الحلقة الأولي

< قالوا عن أنفسهم : نحن الإسلام أيها الناس فمن فهمه علي وجهه الصحيح فقد عرفنا
< تمسكهم بالفكرة رغم البطش الشديد من الحكام أهم ما يميزهم

أحمد حربية

الآن.. في عام 2008، من الصعوبة بمكان أن تتخيل ـ أو تتذكر ـ كيف كانت الحياة قبل ظهور العديد من الأشياء..  "الموبايل" علي سبيل المثال، لا تذكر ـ جيدا ـ كيف كانت الحياة قبله، ولا تعرف كيف ستكون الحياة بدونه.. حتي وإن كنت لا تحبه.
والكثيرون لا يحبون الإخوان (سيبك بقي من موضوع الموبايل ده)، لكن أحدهم لم يجرؤ أن يطالب بنفيهم أو إلغاء وجودهم، لأن الجميع ( محبين وكارهين) سيتهمونه بإقصاء الآخر ونفيه..  و لأن الإخوان ـ وإن فشلوا في أشياء كثيرة- نجحوا أن يصبحوا دائما في موقع "الآخر"..  الآخر الذي يجب أن تكرهه و تتقبله!.
لكن قبل أن تفعل( تكره أو تحب أو ترفض).. عليك أن تسأل ما حقيقة هذا الآخر ؟ كان هذا ـ تقريبا ـ  هو السؤال الأول الذي واجهته جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك أجاب عنه  المؤسس و المرشد الأول "حسن البنا" في اجتماع رؤساء المناطق ومراكز الجهاد الذي عقد في 8 سبتمبر 1945 قائلا: "سيقول الناس ما معني هذا وما أنتم أيها الإخوان ؟"..  "ضعوا لأنفسكم عنواناً نعرفكم به كما تعرف الهيئات بالعناوين".

هل لاحظت أن هذا الأسئلة مازالت تطرح حتي الآن؟.. لماذا رغم أن البنا أجاب عنها؟..  ربما علينا أولا أن نطلع علي إجابته..  يقول البنا:
قولوا لهؤلاء المتسائلين نحن "دعوة القرآن" الحق الشاملة الجامعة، نحن "طريقة صوفية" نقية لإصلاح النفوس وتطهير الأرواح وجمع القلوب علي الله العلي الكبير، نحن "جمعية خيرية" نافعة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتواسي المكروب وتبر بالسائل والمحروم وتصلح بين المتخاصمين ، نحن "مؤسسة اجتماعية" قائمة تحارب الجهل والفقر والمرض والرذيلة في أي صورة من الصور ، نحن "حزب سياسي" نظيف يجمع الكلمة ويبرأ من الغرض ويحدد الغاية ويحسن القيادة والتوجيه .
هذه كانت إجابة البنا عن  التساؤلات التي طرحها دون أي تعديل، وقبل أن ترفع حاجبيك دهشة، أو تقول  إنه لم يجب إجابة واضحة،و انك لم تفهم..  يجب أن تعرف أن "البنا" الذي وصفه أصحابه "بالملهم الموهوب" توقع هذا التساؤل..  ولذلك قال مكملا: قد يقولون بعد هذا كله مازلتم غامضين فأجيبوهم..  لأنه ليس في يدكم مفتاح النور الذي تبصروننا علي ضوئه..  نحن الإسلام أيها الناس فمن فهمه علي وجهه الصحيح فقد عرفنا كما يعرف نفسه فافهموا الإسلام أو قولوا عنا بعد ذلك ما تريدون.
إجابة المرشد الأول واضحة لا تحتاج أي تبيان، إذا أنت لم تفهم إجابته السابقة فذلك لأنك تعاني قصورا في فهم "الإسلام" ومن عادي الإخوان فقد عادي الإسلام (نحن الإسلام أيها الناس ).
هذه الطريقة التي بدأها المرشد الأول في الإجابة عن الأسئلة التي تواجهها الإخوان هي نفس الطريقة التي مازال يجيب بها منظرو الإخوان حتي الآن و بعد مرور 80 سنة، يخرج من يتكلم باسمهم أو عنهم ليقول كلاما جميلا يفند به كل ما ينسب إلي الجماعة من سوء حتي إنك قد تشعر بالندم لإساءتك الظن بهؤلاء الناس، لكن.. إذا حاولت أن تستعيد هذا الكلام بعد فترة ستفاجأ بأنك لا تذكر شيئا.. لأن الرجل لم يقل شيئا من الأساس والكلام لم يخرج ـ  غالبا ـ عن اتهامات للناس بأنهم لم يفهموا ما حدث أو قيل جيدا.

الإخوان المسلمون بخطابهم الذي لم يتطور كثيرا رغم مرور 80 عاما علي نشأتهم يضيعون علي أنفسهم العديد من فرص تصحيح الصورة التي ليست بدرجة سوء الخطاب، الحراك السياسي والمجتمعي الذي سببته جماعة الإخوان في مصر علي مدار 80 عاما، وصمودهم وتمسكهم بفكرهم طوال هذه السنين رغم محاربتهم وقهرهم من كل من تولي السلطة في مصر .. كل هذه أشياء يفخر بها الإخوان ولهم أن يفعلوا ولكن هل يدركون أنهم يضيعون علي أنفسهم كل هذا بالخطاب "الساذج" والمواقف "المهتزة" في كثير من الأحيان..  إن لم تكن 80 سنة مدة كافية لكي يدرك الإخوان كل هذا..  فكم سنة يحتاج الإخوان؟.

حسن الهضيبي ..  عصر الانقلابات والانشقاقات

< قال لـ«فاروق» بعد اغتيال «البنا» .. ملك كريم ابن ملك كريم
< أمر «الباقوري» بترك الجماعة بعد قبوله «وزارة الأوقاف» دون إذن منه
النظام الخاص انقلب عليه وطلبوا منه التخلي عن قيادة الجماعة
جاء الهضيبي الكبير  مرشدا ثانيا للجماعة في لحظة صعبة بعد مقتل مؤسسها بينما شهدت الجماعة العديد من الانقسامات والاختلافات في عهده انتهت بموجة اعتقالات عنيفة طالت اغلب قياداتها ومنهم الهضيبي نفسه ، ولد حسن الهضيبي في عرب الصوالحة بمركز شبين القناطر محافظة القليوبية عام 1891. التحق بكلية الحقوق ليتخرج فيها عام 1915. عمل الهضيبي بالمحاماة حتي 1924 ثم التحق بسلك القضاء ليعمل قاضيا في عدد من محافظات مصر حتي استقر في القاهرة وعمل مستشارا بمحكمة النقض.

جاء عام 1950 ليقدم الهضيبي استقالته من القضاء بعد أن تم انتخابه كمرشد عام للجماعة في 1951 رغم رفضه لتولي هذا المنصب، وإصراره علي التأكد بنفسه من موافقة وبيعة غالبية أعضاء الجماعة له،  لأنه انتخب من قبل الهيئة التأسيسية خلال فترة حل الجماعة.
داخل الجماعة يصفون  الهضيبي بمواقفه الصلبة والتي يدلل عليها الإخوان برفضه تنفيذ البروتوكول الخاص بمقابلة الملك فاروق أثناء زيارته للقصرمع وفد من القضاة حيث خرج من القاعة بوجهه معطيا ظهره للملك. لكن الغريب أن نفس الموقف تكرر مرة أخري بعد اغتيال البنا إلا أن الهضيبي خرج من عند الملك ليقول عنه: "ملك كريم ابن ملك كريم" رغم الدلالات القوية التي اشارت إلي تورط الملك في اغتيال البنا.

رغم موافقة غالبية الإخوان علي مرشدهم الجديد إلا ان فترة تولي الهضيبي لمنصب المرشد شهدت أول انشقاق تتعرض له جماعة الإخوان المسلمين. جاء الانشقاق من الجهاز السري، وتحديدا عبد الرحمن السندي وصالح عشماوي في ظل عدم رضا الهضيبي عن الأعمال السرية التي ينفذها هذا الجهاز، وأبدي رغبته في معرفة كل كبيرة وصغيرة عنه. الانشقاق الذي وصل إلي حد الانقلاب بدأ بتوجه الفريق المتمرد إلي منزل المرشد، وقطع أسلاك التليفون ومطالبته بالتخلي عن قيادة الإخوان، ثم احتلوا المركز العام إلا أن هذه الحالة انتهت صباح اليوم التالي قبل أذان الفجر.
انشقاق آخر تعرضت له الجماعة في عهد الهضيبي لكن أقل حدة من سابقه، وقعت الأزمة عندما قبل الشيخ الباقوري منصب وزير الأوقاف الذي عرضه عليه عبد الناصر دون الرجوع إلي المرشد العام، وهو ما أدي إلي حوار قصير بين المرشد والباقوري انتهي باستقالة الأخير من مكتب الارشاد، والهيئة التأسيسية، وجماعة الإخوان نفسها.

لم يرض الهضيبي يوما عن عبد الناصر، ودائما ما قال عنه إنه "ما ينفعش" ـ علي حد تعبيره ـ بالاضافة إلي مقولته الشهيرة "هذا الرجل لا خير فيه .. وليس فيه أي أمل علي الاطلاق..". لكن عدم الرضا كان شعورا متبادلا بين عبد الناصر والهضيبي حيث اعتقل الهضيبي وللمرة الأولي في 13 يناير 1954 ثم أفرج عنه في مارس ليعتقل بعد ذلك للمرة الثانية في أواخر 1954، وصدر عليه حكم بالاعدام خفف إلي المؤبد، وبعد عام نقل إلي الاقامة الجبرية التي انتهت في 1961. وأخيرا اعتقل منذ أغسطس 1965 حتي أكتوبر 1971، وخلال فترة اعتقاله ألف كتاب "دعاة لا قضاة" لمواجهة للرد علي الأفكار التكفيرية التي ظهرت بين شباب الإخوان في السجن. توفي الهضيبي في 11 نوفمبر 1973 عن عمر يناهز 82 عاما لكن فترته شهدت أعنف انتاج الجماعة علي مستوي الأفكار لتخرج من رحم الجماعة كل جماعات التكفير تبدأ علي يديها موجة من الارهاب الدامي لم تنته حتي الان  <

عمر التلمساني .. مرشد العودة والتحالفات  

< تحالف مع السادات  لضرب اليسار والناصريين فسمح للجماعة بالعودة  .. و انتهي متهما  بإشعال الفتنة الطائفية.. و تحالف مع  الوفد والأحرار والعمل للوصول لمجلس الشعب
أعلن تمسكه بالحريات ثم طالب الرئيس السوداني بألا يفسح المجال لمنتقدي تطبيق الشريعة، وألا يسمح لهم بالتمادي في غيهم

المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين، ولد في حارة حوش قدم بالغورية، وتخرج في كلية الحقوق. قابل حسن البنا عام 1933 فتأثر به وبآرائه وكان أول محام ينضم للجماعة.
تولي التلمساني منصب المرشد العام في 1973 بعد وفاة الهضيبي، شهدت فترة التلمساني حالة من التقارب بين النظام والتيارات الإسلامية، حالة أرادها السادات لضرب التيارات اليسارية والناصرية، مما زاد من قوة الحركات الإسلامية بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص. ورغم ذلك لم تخل علاقة الطرفين من شد وجذب، وتحديدا عندما اتهم السادات جماعة الإخوان ـ في حضور التلمساني ـ بالتخريب والعمالة وإثارة الطلبة، والفتنة الطائفية منهيا كل مقطع من حديثه بعبارة : "مش كده يا عمر؟!" مما أغضب التلمساني ليبدأ في الدفاع من موقف الجماعة، ووجه كلامه للسادات  كاشفا عن طبيعة العلاقة بين الجماعة والسلطة وقتها قائلا: "لو أن غيرك وجه إلي مثل هذه التهم لشكوته إليك. أما وأنت يا محمد يا أنور يا سادات صاحبها، فإني أشكوك إلي أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين لقد آذيتني يا رجل، وقد ألزم الفراش لأسابيع من وقع ما سمعت منك" وسمع السادات هذا الكلام دون أن يتلمظ رغم أنه لم يصبر علي كلمات خرجت من طالب جامعي ضده
ونجح في عقد تحالف مع حزب الوفد برئاسة فؤاد سراج الدين لنزول الانتخابات البرلمانية علي قائمة واحدة، وقد فضل الإخوان حينها التحالف مع الوفد باعتباره يؤيد تطبيق الشريعة، وله قاعدة شعبية، وينكر كل تصرفات عبد الناصر فيما استبعدوا حزب التجمع نتيجة الخلافات الكبيرة بين الطرفين، واستبعدوا الأحرار لأنه بلا قاعدة شعبية، واستبعدوا أيضا حزب العمل الاشتراكي نتيجة لموقفهم من عبد الناصر، إلا أن هذه المبررات لم تمنع تحالف الإخوان مع حزب الاحرار والعمل في انتخابات برلمان 1986 .

دائما ما تحدث التلمساني عن تمسك الإخوان بحرية الرأي والتعبير لكنه فاجأ الجميع بتصريح قال فيه ناصحا الرئيس السوداني: "علي الرئيس السوداني ألا يفسح المجال لمنتقدي تطبيق الشريعة بل يكبح جماحهم، وألا يسمح لهم بالتمادي في غيهم بحجة حرية الرأي والتعبير". توفي التلمساني في مايو 1986 عن عمر يناهز 82 عاما مخلفا وراءه أربعة مؤلفات هي "شهيد المحارب عمر بن الخطاب"، و"الحكومة الدينية"، و"الملهم الموهوب حسن البنا أستاذ الجيل"، و"ذكريات لا مذكرات" <

محمد حامد أبو النصر .. بيعة  المصحف والمسدس

< كان يري أن «المسدس» هو «الحل» لإستعادة أمجاد المسلمين
< ألقي القبض عليه بعدحادث المنشية

المرشد الرابع لجماعة الإخوان المسلمين، ولد بمنفلوط في محافظة أسيوط في مارس 1913. التقي أبو النصر بـ"حسن البنا" في 1935، ودار بينهما حوار حول كيفية الرجوع بالمسلمين إلي عهدهم وأمجادهم السالفة، فأشار أبو النصر إلي مسدس كان يحمله في خصره باعتباره الوسيلة، فاخرج له "البنا" مصحفا، فأقسم أبو النصر علي كليهما بالعهد والولاء للجماعة، ليقول له "البنا": "مبارك إنها الأولي في صعيدكم ..".

ألقي القبض علي محمد حامد أبو النصر وزملائه من مكتب الإرشاد في 1954، وتحديدا بعد حادث المنشية حيث وجهت إليهم تهمة محاولة اغتيال عبد الناصر لكنهم يؤكدون حتي هذه اللحظة أنهم لم يقدموا علي هذه الخطوة، وأن اختراقا لنظامهم السري حدث بعد إنشقاق أحد أهم أجنحته "عبد الرحمن السندي"، وأدي لتدبير حادث المنشية. صدرت الأحكام علي المتهمين، ومن بينهم حامد أبو النصر بالأشغال الشاقة المؤبدة حيث ظل في المعتقل حتي ُأفرج عنه في عهد الرئيس السادات ثم انتخب كمرشد عام لجماعة الإخوان المسلمين في 1986 ، وتوفي في 1996

إلا أن وفاة أبو النصر في 1996 كانت بداية لأزمة جديدة نشأت داخل الجماعة وصلت إلي حد الانشقاق وتحديدا عندما تمت مبايعة المرشد الجديد مصطفي مشهور بعد دفن المرشد أبو النصر وهو ما عرف بـ"بيعة المقابر". تلك البيعة التي لاقت انتقادات لاذعة من شباب الوسط  لقيادة الجماعة حول طريقة اختيار المرشد ورغم أن أبو النصر ظل تاريخيا هو المرشد المعلن للجماعة إلا أن مشهور كان المرشد الفعلي بسبب مرض المرشد الذي دام أغلب فترات توليه المنصب


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com