إستراتيجية إختراق المواقع القبطية

بقلم منير بشاى- لوس أنجلوس

        

          ليست من عادتى إفتراض نظرية المؤامرة فى كل شئ. فالمبالغة فى هذا الإتجاه يؤدى إلى نوع من البرانويا يفترض دائما سوء النية حتى عندما لا يكون هناك مبرر لها. ولكن المغالاة فى النقيض، أى إفتراض حسن النية فى كل شئ وفى كل شخص، هو أيضا غير صحى، فنحن لا نعيش فى المدينة الفاضلة ولا نتعامل مع ملائكة. والتصرف السليم فى رأيى هو أن نفتح عيوننا دائما، لنرى المؤامرات الحقيقية التى تحاك لنا بغرض إحباط عملنا وندرس الطرق الفعالة للتعامل معها.

ومن المؤكد أن الحكومة المصرية ليست سعيدة بنشاط أقباط المهجر الذى يفضح ممارساتها. ولا بد أن أجهزتها الأمنية يشغلها هذا الموضوع وتقوم بدراسة الخطط لمقاومته. ومن البديهى أن يكون لكل نشاط إستراتيجيته وبرنامجه ورجاله. وفى هذا المقال سأتعرض فقط لما يتعلق بالمواقع الإلكترونية القبطية الحقوقية.

          لا شك أن هذه المواقع أصبحت صداعا يؤرق أجهزة الأمن، فبعد محاولات الدولة للتعتيم على ما يجرى داخل مصر لمدى أجيال، جاء الإنترنت بثورة المعلومات التى أحسوا بعدها أن الأمور كادت أن تفلت من بين أيديهم. فمع الإنترنت أصبح كل شئ عريان ومكشوف. فما يحدث فى قرية نائية فى صعيد مصر أصبح فى الإمكان أن يجوب الكرة الأرضية فى ثوان ويعرفه الجميع قبل أن يعرفه سكان القرية المجاورة. وكان لابد للأجهزة الأمنية أن تبتكر إستراتيجية للتعامل مع هذه الظاهرة فى محاولة لإبطال فاعليتها أو التقليل من تأثيرها. وفى سبيل ذلك أعتقد أن الأمن المصرى يجند جيشا من عملائه وظيفتهم إختراق المواقع القبطية ومقاومة ما يبث فيها من أفكار.

          ولكن أريد أن أوضح بداية أن هذا المقال يتناول هذه القضية من منطلق موضوعى بحت وبعيدا تماما عن الشخصنة. ليس هدفى كسف الأفراد بل مناقشة الإستراتيجيات والتحذير منها. وأؤكد أنه ليس كل من يتبنى هذه الأفكار أو بعضها هو بالضرورة عميل، فهناك من يؤمن بهذه الآراء وينادى بها عن إقتناع. وهذه عينة من هذه المحاولات:

         

أولا: إستغلال المواريث الدينية

          عمل هؤلاء يجىء عندما ننشر مقالات تحث الأقباط على رفض الظلم والمطالبة بالعدل. وهنا يظهر لنا عدد من المعلقين هدفهم تثبيط همم الأقباط بإقناعهم أن هذا ليس من روح المسيحية ويستخدموا فى ذلك بعض المتوارثات المغلوطة المبنية على نصوص من الكتاب المقدس مأخوذة من سياقها والغرض الصحيح منها والتفسير السليم لها. ومنها مثلا الآيات التى تقول: لا تقاوموا الشر – ومن ضربك على خدك الأيمن حول له الآخر – والرب يدافع عنكم وأنتم تصمتون. ويستخدموا المفاهيم المسيحية إستخداما خاطئا يحقق أغراضهم مثل التركيز على أننا لسنا من هذا العالم وأننا ننتظر الوطن السماوى. وأيضا نشر المفاهيم التى  تمجد الألم وتدعو إلى التمثل بالشهداء الذين ماتوا من أجل المسيح وكأن أفضل ما نجيده كمسيحيين هو مجرد أن نموت من أجل المسيح. بينما الأساس فى المسيحية هو أن نعيش من أجل المسيح ونمجده فى حياتنا

ثانيا: الدخول فى المناقشات البيزنطية

          يهدف هؤلاء إلى تضييع وقت الكتاب وإنهاكهم بتوجيه أسئلة تافهة فى تعليقاتهم والأصرار على الحصول على الإجابة. وبعد الإجابة تأتى ردودهم الغريبة ثم توجيه المزيد من الأسئلة التى لا تضيف الجديد ولكن هدفها هو التشكيك حتى فى المسائل الواضحة. وهم يبلغوا غايتهم عندما يضيعوا وقت الكتاب ومجهودهم ويشغلوا أكبر مساحة من المواقع ويزرعوا التساؤلات والشكوك فى رؤوس القراء.

ثالثا: تغيير الموضوع المطروح

          هناك أفراد يتم زرعهم فى المواقع القبطية بهدف محاولة إعادة توجيه إهتمام القراء بعيدا من الموضوع المطروح. يحدث هذا خاصة إذا كانت هناك قضية ساخنة تدين الدولة. فنجد هؤلاء يدخلون المواقع وبطريقة ماهرة يحاولون فى تعليقاتهم أن يغيروا مسار الموضوع الأصلى وقد ينجحوا فى جذب إنتباه معلقين آخرين، وربما يدخلوا هم أنفسهم بإسماء أخرى ومن أجهزة أخرى لتأييد الرأى المعارض وسرعان ما تجد الموضوع الرئيسى قد تغيرمساره إلى موضوع آخر لا صلة له بالموضوع الأصلى.

رابعا: بث روح اليأس من أى إمكانية للتحسين

          هذا الفريق وظيفته تثبيط الهمم بسرد المشاكل وتاريخها الطويل مع التأكيد أن المشاكل لم تتحسن يوما بل تزداد تعقيدا يوما بعد يوم. وهم دائما يركزون على ضعف الطرف المسيحى وعدم وجود حيلة له وفى نفس الوقت يشيرون الى قوة وجبروت الطرف الآخر. وينتهون إلى الإستنتاج الخاطىء أنه (مفيش فايدة) وأنه علينا أن نقبل الوضع لأنه هو قدرنا وليس هناك مخرج. بل قد يقترن هذا بالتهديد أننا إذا تزمرنا ستزداد أحوالنا سوءا.

خامسا: إستخدام مسلمين يتظاهروا بالإعتدال والحيادية

          معظم مشاكل الأقباط فى ناتجة عن التطرف الدينى الإسلامى. ولصرف إنتباه الاقباط عن هذه المشاكل يأتى لنا بعض المعلقين بأسماء إسلامية وعلى عكس ما نتوقع نجدهم متعاطفين معنا ومتسامحين إلى أقصى حدود التسامح. فنراهم يعترفون بالمظالم التى يعانى منها الأقباط، ويدينون المتطرفين المسلمين ويعتبروهم لا يمثلوا الإسلام الصحيح. ويحاولوا أن يقنعونا أن الظلم يطال الجميع مسلمين ومسيحيين بالتساوى.  ولكن مع إفتراض وجود مشاكل عامة يعانى منها الجميع إلا أن هناك مظالم خاصة يعانى منها الأقباط وحدهم نتيجة الفرز الدينى الموجه ضدهم. فالهدف من هؤلاء إعطاء الأقباط الإحساس بالإرتياح على أساس أنهم ليسوا وحدهم المظلومين فالجميع مظلومون والمساواة فى الظلم هى عدل.  ولا أقصد طبعا أن كل مسلم يدخل مواقعنا هو عدو متخفى فى صورة صديق، فالكثيرون من الأخوة المسلمين ليسوا متطرفين ولا يقبلون ظلم أخوتهم المسيحيين ويدافعون عن حقوقنا بجرأة وإخلاص يندر أن تجدها بين الأقباط أنفسهم .

هذه بعض العينات من محاولات إختراق مواقعنا القبطية الحقوقية. وأكرر أنه ليس هدفى هنا إلقاء التهم جزافا ضد أحد. وأحذر من إستعمال هذا المقال من تطرف مضاد لاقباط يلوحون بالعمالة دون دليل  فى وجه اخوتهم لإرهابهم.  إن هدفى من المقال هو مجرد أن نمارس المزيد من الحذر والحيطة وأن نستخدم الحكمة فى نمييز من يدفعون عجلة العمل القبطى الحقوقى للأمام ومن يحاولون أن يدفعوه للوراء الى عصور التخلف والظلام.  وأثق أنه رغم كل المحاولات المضادة فإن النصرة النهائية لن تكون للظلم بل للحق، وان عجلة الزمن لن تعود للوراء.

إذا الشعب يوما أراد الحياة    فلا بد أن يستجيب القدر

ولابد   لليل    أن    ينجلي   ولابد   للقيد  أن   ينكسر

 

This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.


© 2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com