تعليق على التعليقات...

بقلم منير بشاى – لوس أنجلوس

جميعنا نتكلم لغة الضاد (اللغة العربية)، بيما بعضنا يجيد لغة الضات كوم (لغة الإنترنت). هؤلاء هم غالبا الجيل الجديد الذى بدأ يتعلم هذه اللغة مع تعلمه للكلام.  ولكن غالبيتنا ما يزال يكافح فى فك طلاسم هذه الظاهرة الجديدة وفى معرفة كيفية التعامل مع المتغيرات التى أحدثتها فى حياتنا.

  لا شك أن الإنترنت كان له تأثيره الجذرى على كل شئ فى حياتنا. فقد أحدث ثورة فى طريقة حصولنا على المعلومات، وأعطانا وسائل جديدة للتواصل ، ومدنا بأساليب عديدة للترفيه، وغيّر تماما من الطرق التى تتحكم فى كافة العلوم والتكنولوجيا.

ولقد تأثرت الحركة القبطية الحقوقية كثيرا منذ ظهور الإنترنت فاستخدمته بفاعلية فى عملية الحصول على المعلومات المتعلقة بالقضية وفى بثها إلى العالم الخارجى. ولكن مثل أى ظاهرة جديدة، ومع كل الإيجابيات التى حققتها ، فمن الطبيعى أن يكون هناك سلبيات فى كيفية التعامل معها. وبالتالى أصبح الإنترنت ليس فقط أداة فى يدنا بل أيضا أداة ضدنا. وفى المقال السابق كتبت عن بعض مشاكل الإنترنت التى تأتينا من الخارج مثل محاولة الآخرين إختراق مواقعنا بقصد تثبيط هممنا وتحطيم عملنا. وفى هذا المقال سأتناول بعض المشاكل التى تنبع من الداخل وتنتج عن سؤ تصرفنا نحن وبالذات فيما يتعلق بما يكتب فى التعليقات على المقالات.

مرة أخرى أحذر من أساءة فهم ما أقصده ومحاولة التخصيص فيظن البعض أننى أقصدهم بالذات، أو التعميم فيعتقدون أننى أدين جميع الناس. ليس هدفى هنا إدانة أحد من الناس بل مناقشة مواقف بغرض تصحيحها. وأريد أن أؤكد أنه رغم كل العيوب فى التعليقات فهناك عدد ضخم من المعلقين لهم الفضل فى إثراء المواقع بإضافاتهم القيمة وهم يقدمون مستوى رفيعا من التعليقات تعكس فكرا مستنيرا وعلما غزيرا وأخلاقا راقية ووعيا وإخلاصا لا غبار عليه.  فلهم منا جميعا واجب الشكر والعرفان .

۱. التعليقات الشللية

عندما نتفحص التعليمات فى موضوعات بالذات نكتشف أن عددا من المعلقين ينقسمون فى توجهاتهم إلى مجموعات (أو شلل) فهناك مثلا شلة التيار العلمانى ويواجهها التيار الكنسى. وهناك شلة الإتجاه العنيف ويقابلها الإتجاه المسالم. ثم هناك شلة من يحبذوا الإقتصار على الجانب الحقوقى ويعارضها من يصروا على ضرورة مناقشة الأديان. ورغم أن هناك مواقع خاصة لكل إتجاه ولكن نجد أفرادا من هذه الإتجاهات  تدخل فى مواقع لها سياسة مخالفة  ويحاولون أن يعترضوا على ما يكتب رغبة منهم فى تغييير سياسة الموقع لتتمشى مع توجهاتهم. وأحيانا تجد كل شلة تحاول أن تؤثر على الكتاب بطريقة أو أخرى ليضموهم إلى مجموعتهم. فاذا عرض الكاتب فكرة تعجب شلة معينة يظنون أنه إنضم إلى شلتهم (وأصبح فى جيبهم) فيغدقون عليه المديح. أما إذا عاد وكتب فكرة لا تعجبهم فيظنون أنه إنشق عليهم وانضم للعدو فيصبون عليه جامات غضبهم.

٢.التعليقات التملكية

بعض الناس يعتقدون أنهم يمتلكون الكون بما فيه. فهم يظنون أنهم وحدهم يمتلكون الحق المطلق وما عداهم على ضلال. ثم قد يظنون أنهم يمتلكون الكتاب  فلا يحق لهم أن يخرجوا عن توجهاتهم. وأحيانا يتصرفون كمن يمتلك الموقع بل وإدارة الموقع ويتجاسرون بإملاء مطالبهم لما يجب أن يسير عليه الموقع وإلا يهددوا بالإنسحاب. وفى غرورهم قد يعتقدوا أن الموقع سينهار فى حالة غيابهم.

۳. التعليقات المتسرعة

يبدو أن عصر السرعة قد ترك بصماته على ما يكتب من تعليقات. فهناك من يكتبون تعليقات على مقالات بعد مجرد قراءة العنوان أو ما لا يزيد عن بضع سطور من المقال. بل أن البعض الآخر لا يكلف نفسه عناء حتى قراءة هذا القدر القليل من المقال ولكن يبنى تعليقه على تعليقات الغير. وتكون النتيجة إعتراض على أشياء لا وجود لها فى المقال، وحدوث زوبعة لا أساس لها وكان فى الإمكان تجنبها لو إستخدم المعلقون قدرا من التأنى قبل أن يصدروا أحكامهم.

٤. التعليقات الدردشية

يبدو أن بعض المعلقين قد تعودوا على طريقة غرف الدردشة وهم يظنوا أن جميع مواقع الإنترنت يجب أن تعمل بنفس النظام فيحاولوا أن يدخلوا فى دور دردشة طويل مع الكاتب أو مع المعلقين الآخرين . الكاتب مسئول عن كتابة ما يؤمن به والقارئ ليس ملزما بقبوله وأمامه الفرصة أن يعترض أو يؤيد أو يصحح ما يراه أنه خطأ فى تعليقاته.  وأيضا فى إمكانه أن يوجه أسئلة للكاتب. ولكن عليه أن يدرك أن الكاتب ليس دائما فى وضع يمكنه من الاجابة على إستفسارات القراء. فأحيانا يكون غير متواجد أو غير متابع  لما يكتب من تعليقات لاسباب كثيرة. وأحيانا تكون كمية التعليقات أوعدد الأسئلة أكثر من أن يرد عليها الكاتب. وعندما لا يحصل المعلق على إهتمام الكاتب الفورى قد يغضب ويلجأ إلى أساليب إستفزازية يظن أنه بها يحرج الكاتب ويضعه أمام الأمر الواقع فيتهمه مثلا بالعجز عن إجابة تساؤلاته. وإعتقادى أن الطريقة الفعالة لمن يريد أن يوجه إستفسارا للكاتب أن يرسله إليه مباشرة عن طريق بريده الإلكترونى. ونصيحة لمن يستخدم هذه الطريقة أن يجعل سؤاله واضحا ومحددا ومباشرا وأن يقدمه باسلوب بعيد عن التجريح أو الإهانة فالكلمات المهذبة تجذب إجابة من نفس النوع والعكس صحيح.

٥. التعليقات المسيطرة

هناك من يظنون أنهم بصوتهم العالى يستطيعون أن يطغوا على أصوات الآخرين المخالفين فى الرأى. وهناك من يظنون أنهم بإستعمالهم للألفاظ البذيئة يستطيعوا أن ينتصروا على الآخرين الذين لا تمكنهم أخلاقهم من مجاراتهم فى نفس المستوى. وهناك من يظنون أنه بكثرة تعليقاتهم يستطيعوا أن يكتسحوا الجو ويسيطروا على الموقف فنجدهم يستخدمون أسماء مختلفة كثيرة لمداخلات مختلفة من نفس الاشخاص ليوحوا أنهم كثرة. وقد يدخلوا من أجهزة كومبيوتر أخرى حتى لا يتكرر رقم الكود الخاص بالكومبيوتر. والغرض من هذا إعطاء الإنطباع الخاطىء أن هناك غالبية من القراء لها رأى مؤيد أو معلرض، بينما الواقع أن معظم هذه التعليقات  تكون صادرة من شخص واحد أو يكون هو المحرك الخفى من ورائها.

هذه مجرد أمثلة لممارسات خاطئة تجرى بإستمرار فى التعليقات. وهى ليست شاملة جامعة فهناك أيضا التعليقات العنترية والإستفزازية والإستبدادية والإنتقامية  والشخصية والمجاملتية والتملقية .....وغيرها، ويستطيع القارئ أن يضيف المزيد. ولكنى قصدت من هذا مجرد أن ألفت النظر إلى وضع سئ ويزداد سوءا، ولا نستطيع أن نلوم عليه أحدا سوى أنفسنا. وليس هدفى هنا أن أنادى  بحظر النقد أو المعارضة أو أننى أفنرض إمكانية الإتفاق الدائم فى الرأى فهذا مطلب خيالى لا يحدث فى عالم الواقع. ولكن أتمنى أن نتعلم كيف نتعامل مع ثقافة الخلافات، ونبتعد عن الطرق الملتوية للوصول لأغراضنا. فالخط المستقيم هو  أقصر الطرق بين نقطتين، واللف والدوران  يبعدنا عن الهدف وقد يؤدى بنا إلى أن نضل الطريق.


2014 united copts .org
 
Copyright © 2023 United Copts. All Rights Reserved.
Website Maintenance by: WeDevlops.com